أمِنْ ذِكرِ سلمَى أنْ نأتْكَ تَنوصُ
فَتَقصُرُ عنها خُطوَةً أوْ تَبوصُ
وَكَمْ دُونَهَا من مَهمَهٍ وَمَفَازَةٍ
وكم أرْضُ جَدبٍ دونها وَلصُوصُ
تَرَاءَتْ لَنَا يَوْماً بجَنْبِ عُنَيزَةٍ
وَقَد حانَ مِنها رِحلَةٌ فَقُلُوصُ
بِأسْوَدَ مُلْتَفِّ الغَدَائِرِ وَارِدٍ
وَذِي أُشُرٍ تَشُوفُهُ وَتَشُوصُ
مَنَابِتُهُ مِثْلُ السُّدوسِ وَلَوْنُهُ
كَشَوْكِ السيَّالِ فهوَ عذبٌ يَفيضُ
فَهَلْ تُسْلِيَنّ الـهَمَّ عَنْكَ شِمِلّةٌ
مُدَاخِلَةً صُمُّ العِظَامِ أَصُوصُ
تَظَاهَرَ فِيهَا النِّيُّ لا هيَ بَكْرَةٌ
وَلا ذاتُ ضِغنٍ في الزِّمامِ قَمُوصُ
أؤوبٌ نَعُوبٌ لا يُوَاكِلُ نَهْزُهَا
إذا قِيلَ سَيرُ المُدْلجِينَ نَصِيصُ
كَأني وَرَحلي وَالقِرَابَ وَنُمْرُقي
إذا شُبّ للمَرْوِ الصِّغَارِ وَبِيضُ
عَلى نِقْنِقٍ هَيْقٍ لَهُ وَلِعِرْسِهِ
بمُنعَرَجِ الوَعساءِ بَيضٌ رَصِيصُ
إذا رَاحَ لِلأُدْحيّ أوْباً يَفُنُّهَا
تُحَاذِرُ منْ إدْرَاكِهِ وَتَحيصُ
أذَلِكَ أمْ جَوْنٌ يُطَارِدُ آتُناً
حَمَلنَ فأرْبى حَملِهِنّ دُرُوصُ
طوَاهُ اضْطِمارُ الشَّدّ فالبَطنُ شازِبٌ
معَالىً إلى المَتْنَينِ فَهْوَ خَميصُ
كَأنّ سَرَاتَهُ وَجُدّةَ ظَهْرِهِ
كَنَائِنُ يَجرِي بَيْنَهُنّ دَليصُ
بحاجِبِهِ كَدْحٌ من الضَّرْبِ جالِبٌ
وَحَارِكُهُ منَ الكِدَامِ حَصِيصُ
وَيأكُلنَ من قَوٍّ لُعَاعاً وَرِبّةً
تَجَبّرَ بَعدَ الأكلِ فَهْوَ نَميصُ
تُطِيرُ عِفَاءً مِنْ نَسِيلٍ كَأنّهُ
سُدُوسٌ أطَارَتهُ الرّيَاحُ وَخُوصُ
تَصَيّفَهَا حَتى إذا لمْ يَسُغْ لـهَا
حَليُّ بأعْلى حَائِلٍ وَقَصيصُ
تَغَالَبنَ فيهِ الجَزْءَ لَوْلا هَوَاجرٌ
جَنَادِبُهَا صَرْعَى لـهُنّ قَصِيصُ
أرَنَّ عَلَيْهَا قارِباً، وَانْتَحَتْ لـهُ
طُوالَةُ أرْساغِ اليَدَيْنِ نَحوصُ
فَأوْرَدَها، مِنْ آخرِ الليلِ، مَشرَباً،
بَلاثِقَ خُضْراً، ماؤهُنَّ قَلِيصُ
فَيَشْرَبْن أنفاساً، وَهُنَّ خَوَائِفٌ،
وَتَرْعَدُ مِنْهُنَّ الكُلى والفَريصُ
فأصْدَرَها تَعْلو النِّجادَ، عَشِيَّةً،
أقَبُّ، كَمِقْلاءِ الوليدِ، شَخِيصُ
فجَحشٌ، على أدْبارِهِنَّ، مُخَلَّفٌ؛
وَجَحْشٌ، لَدى مَكَرِّهِنَّ، وَقيصُ
وَأصْدَرَها بادي النّواجِذِ، قارِحٌ،
أقَبُّ، كَعَقْدِ الأنْدَرِيِّ، مَحيصُ
ملاحظة هذه القصيدة لامرئ القيس